الاثنين، 5 مارس 2018

من فوق القمة

مكنتش صاحبتي انا
كانت يا دوب صاحبة صاحبتي ، و بحكم دواير الصحوبيه كانت بتتواجد معانا في شلة الجامعة بس كنت بشوفها شخص مبهم كل معلوماتي عنها انها من اسرة بسيطة و مخطوبه لشاب على قد حاله عن قصة حب كبيره وبناء عليه لما كانوا زملائنا الشباب بيتواجدوا معانا كانت بتختفي بالكامل وكانها فص ملح وداب لانه تقريباً كان بيغير عليها وهيه كانت بتخاف على مشاعره ، كلامي معاها كان بسيط اوي لا يتعدى السلامات و ازيك عامله ايه مع تبادل الابتسامات و الامنيات الجميله ، بس كنت دايما بستغرب الابتسامه اللي على وشها الهادي الرايق و حالة تكبير الدماغ واللامبالاة اللي مكنتش بفهمها ابدا في المرحله دي من حياتي ، في عز ما كانت الشله تبقى مجمعه وبنخطط لهنقضي باقي اليوم ازاي ؟ هنجيب في سيرة مين من الشله والشلل الاخرى المجاورة وهنقعد وناكل فين (ايوه انا الحقيقه كنت بروح الجامعه عشان اتسلى واتبسط مع صحابي و مكنتش بحضر اي محاضرات و كنت بعتمد على المذاكره من البيت ) ؟ كانت تعلن انسحابها العظيم بمنتهى االسعادة عشان عايزه تلحق تروح تتفرج على افلام عربي قديمه في البيت !!!!
يالهوي .. افلام عربي قديمه وكمان في البيت؟ ايه المتعه في كده ؟ افلام ؟ تسيب الدنيا دي كلها و الناس دي كلها طب ما دي كلها افلام اهو بس على الاقل ملونه ؟ كل الحياه اللي ممكن تتعاش دي ولسه معيشنهاش ، كل الناس اللي ممكن نتعرف عليها ولسه معرفنهاش ، كل التجارب المحتمله الجميله اللي في انتظار بس اننا نخوضها او نتكعبل فيها .. هتتخلى عن كل ده في مقابل مكان على كنبه في الصاله تتفرج منه على فيلم ابيض و اسود يمكن شافته 100 مره قبل كده ؟ وبالبساطة دي ؟ مقدرتش استوعب الفكره دي ابدا وقتها .
خدتني الايام و السنين ونسيت اسمها و نسيت ايام الجامعه وبشكر الظروف اني يا دوب لسه فاكره اسمي بعد اللي شوفته في حياتي ، رغبتي الجامحه في اكتشاف الحياة سحقتها الحياة شخصياً وداست عليها لدرجة خلتني امشي جنب الحيط وانا بحسس عليه لا اتكعبل في بني ادمين مالهوش اي لازمه يعقدوا حياتي اكتر ما هيه مكلكعه ومعقده واحنا مش ناقصين و يا دوب بنحاول نفك طلاسمها ومش عارفين ومش فالحين ، دوايرصداقاتي القديمه زي ما هيه بس بالناقص ، ودواير صداقاتي الجديده محدوده ومنتقاه بحرص شديد ، وباقي الناس افضل اني اتفرج عليهم من بلكونة حياتي اصبح وامسي واطمن عليهم من بعيد لبعيد بابتسامه جميله واتمنالهم كل خير وسعاده في حياتهم وشكراً ، ومعنديش اي فضول الصراحه اني اتتبع اي اخبار ليهم ، بس ده ما يمنعش انه لما بتجيلي اخبارهم لحد عندي معظم الوقت مبقولش لاء و بكون في منتهى الاندهاش وانا بسمعها من تصاريف الاقدار في تسيير شئون حياة المخاليق واختياراتهم وغالباً بحتفظ بتعليقي لنفسي ، وفي بعض الاحيان برفض حتى اني اعرف اخبار بعض الناس عشان ما اتورطش في مشاكل معاهم او حواليهم في مين اللي قال ومين اللي مقالش ، معرفش ايه اللي استدعى كل الذكريات دي في خيالي فجأة لما اندمجت في حالة من الانبساط واترسمت على وشي ابتسامة كبيرة اوي تلقائية وانا بتفرج على فيلم هندي لشاروخان معرفش برضو دي المره الكام اللي بشوفه فيها بس ظبطت نفسي متلبسة بحالة من السعادة و البلاهه المتكررة في كل مره بشوف فيها الفيلم ده واني منفصله تماماً عن كل حاجه في الدنيا ، مش مهم اي حاجه العالم مقطعه بعض دبح وقتل في كل بقاع الارض ، مقطعين بعض على لقمة العيش على طريقة العيش ، على مين اللي صح ومين اللي غلط مين هايروح الجنه ومين هايروح النار ، مين مؤمن ومين كافر ، وانا هنا في سريري اشاهد هذا الشاروخان الجميل ولا ابالي ، الشغل المطلوب مني ، المشاكل اللي عندي ، الالتزامات اللي قطمت وسطي ، صراعات واحقاد العمل اللي كسرت دماغي ، الماضي الاليم ، المستقبل الغامض ، الحاضر المريب ، وانا هنا في سريري لا ابالي ، ابتسم وكاني ارفع راية انتصاري بالوصول الي اعلى قمة في الكون ، ايها العالم المتحارب ، انا هنا اعيش لحظات سلامي الخاصه هاربه من كل نيرانك وعبثك ، وحدي ابتسم وانظر اليك نظرة شفقة ايها البائس الحزين ، لن تسلبوني لحظات سكينتي الوحيدة الخاصة ،هتاف كبير يعلو فوق صوت الجماهير انا بقيت زيك انرمين احبيبة قلبي ، اخيراً فهمت ، الفيلم خلص يا خسارة ، وفوقت من الحلم الجميل ، اروح بقى اشوف اكل عيشي وهعمل ايه في حياتي اللي ما يعلم بيها الا ربنا .