الجمعة، 18 أغسطس 2017

الاربعينات و ما ادراك ما الاربعينات

بحاول افهم ايه مشكلة الشباب العشريني او الاصغر منهم اليومين دول مع كل الاجيال اللي اكبر منهم سناً وخصوصاً اللي تخطوا سن الاربعين فما فوق لدرجة ان سن الشخص وتقدمه الطبيعي في العمر اللي هوه من سنة الحياه وكاس وداير على مخاليق ربنا محدش ممكن يعرف يفلت منه يتحول لاحد الحاجات اللي ممكن يتعاير بيها كانها عيبه او خطيئة يتشتم بيها لو حاول يمارس حقة الطبيعي في الاستمتاع بالحياه بشكل معلن .
وفي محاولتي  لفهم وجهة نظرهم و تلمس العذر ليهم بحاول افتكر مشاعري وانا في نفس السن ده وحياتي كلها قدامي مفروشة بالامل و الأحلام ، وعندي فائض طاقه تهد جبل و نفسي بس لو حد يحطني على التراك الصح ويقولي هيه السكه منين وانا واثقه اني هنطلق واجري محدش هيحصلني و هكسر الدنيا ، واثقه جداً في ان اللي اعرفه هوه الصح ولازم اعمله واي حاجه تانيه غلط ، مطمنه اني عارفه كل حاجه اكتر من كل الناس التانيه لدرجة الغرور ، متأكده اني مش هغلط زيهم لاني اكيد اذكي واحسن منهم  ، الدنيا بالنسبه لي كانت يا ابيض يا اسود ما فيش حل وسط ، يا اه يا لاء وبسرعه عشان انا مستعجله ، رد فعلي دايماً سريع اوي وقوي بغض النظر عن النتايج ، سريعة الاشتعال متقدة الغضب ، مشاعري وعواطفي صوتهم دايماً اعلى من عقلي ، بعمل العلاقات مع الناس بسرعه وبخرج منها وبدمرها بشكل اسرع ، مفيش حاجه عجباني ولا حد مالي عيني ، يمكن كل واحد فيكم مر بالمرحله دي بكل متناقضاتها او بما تيسر منها الا من رحم ربي لحد بقى ما نركب الحلزونه يا اما الحلزونه المجنونه والدنيا تعلم فينا وعلينا وتشيل وتحط علينا وفينا ، فنتعلم الدرس بالطريقه الصعبه وندفع التمن الغالي و نتنازل عن غرورنا عشان نعرف نعيش ونقوم بالمسئوليات اللي ورانا، ننحني للعاصفه قبل ما تقسم ضهرنا ، نتعلم التعايش مع الحرمان ، و تتحول كلمه لاء بقدرة قادر لاه الالم و الموافقه على مضض عشان المركب تمشي و اللي شايلين همهم يوصلوا بر الامان ، نتعلم نتعايش مع الوجع وكسرة النفس و العين اللي في الارض لانها مبقتش قادرة تترفع للسما من هدة الحيل و الاحباط ، و نلاقي نفسنا مش احنا ومش عارفين نفسنا ، مربوطين في ساقيه مبترحمش و رجلينا مغروسه في الارض ومش عارفين نطير لاحلامنا

 اللي بقينا نكسف حتى  نجيب سيرتها قدام الناس ليضحكوا علينا ويقولوا مجانين ، و يبتدي القلب يلين بعد ما انسحق ، والكبرياء يصبح مجرد ذكرى جميله تداعب خيالنا ، و الصبر رفاهيه احياناً لا نستطيع اليها سبيلاً ،  و احنا نفسنا حياتنا تتغير وتبقى احسن بس مش قادرين ولا عارفين هل ده ممكن ؟ ولا ده احد دروب المستحيل ؟ ماشيين في ضلمه  ومش شايفين الطريق لبكره ومش عارفين ممكن نفضل كده لحد امتى ؟ وهل ممكن نحارب عشان احلامنا ولا هيه دي كده حياتنا ولازم نتعلم فن الاستسلام للواقع و نرضى بيها ونعيشها كده وخلاص  ؟ و نكتشف اننا زي باقي الناس اللي كنا في يوم من الايام بنتريق عليهم وبنتهمهم بالضعف وان النفر منا مجرد انسان اخر ضعيف واخد دوره في الطابور مستني عشان يثبت نفسه ومش عارف هيقدر اصلا و لا لاء .
ويمكن يبتسم القدر لبعض المحظوظين مننا في الدنيا فيوصلوا لمرحله لا بأس بها من الانجاز في سن الاربعين او بعدها بفتره، وتبتدي تتحسن ظروفنا الاجتماعيه و الاقتصاديه بعد تعب ومجهود طويل  ، بيخلينا نحس انه من حقنا نعوض سنين عمرنا اللي اتسرقت في رحلة الكفاح و شبابنا اللي راح في الشقى ، لان بكل بساطه اللي جاي مش ممكن هيكون قد اللي راح ، كل اللحظات بتتحول الى اوقات ثمينه بالنسبه لينا و بالنسبه و التناسب بين اللي ممكن يجي واللي بالفعل راح واحنا بنداوي جراح  واحنا بنحاول نرضي كل اللي حوالينا على حسابنا ، بنتعلم نصنع السعاده لنفسنا بنفسنا لان للاسف اتخذلنا بما فيه الكفايه من معظم اللي حوالينا، بنبتدي نتخلى عن كل مفاهيم العالم ونؤمن بمفاهينا الخاصه اللي اتنحتت جوانا بدموعنا ودمنا، بنتعلم نسامح العالم  اللي ظلمنا وقهرنا وداس علينا وننسى الماضي اللي اتوجعنا واتعذبنا فيه وبيه عشان نقدر نفكر في اللي جاي ، بتتعلم نتنازل عن اصدار الاحكام عشان بقى عندنا من الحكمه اللي يخلينا نفهم ان اللي ايده في الميه مش زي اللي ايده في النار ، و ان اللي على الشط عوام ، وانه سهل اوي اوي اننا لما نشوف مشكله حد غيرنا بيمر بيها ننظر عليه بمثاليه بس احنا لو مرينا بنفس تجربته ممكن نتصدم شخصياً في نفسنا وفي رد فعلنا اللي ممكن يكون خارج حتى اطار تصورنا سواء بالسلب او الايجاب ، مبقاش مهم اوي بالنسبة لنا كلام الناس او رأيهم فينا ، لان ثقتنا بقت نابعه من خبرتنا في مواجهة المصايب و المشاكل اللي ياما حطت على دماغنا ، بقينا عارفين ان كل أول حلو أو وحش ليه اخر فمش مستاهله شدة اعصاب ولا مناهده ، ولا حتى مستاهله اننا نتمسك اوي بحاجات محتاجه مننا مجهود كبير عشان نحافظ عليها، مابقيتش تفرق معانا اوي اننا نثبت اننا صح وندافع عن وجهة نظرنا لان الحقيقه اولوية اننا نعيش بسلام ايام حلوه واحنا لسه فينا نفس وشوية صحه تعوضنا عن اللي فات نعمل فيها كل اللي مقدرناش نعمله قبل كده هيه الأهم، بقينا متصالحين اكتر  مع العيوب الشخصيه فينا وفي غيرنا وقادرين نعذر ونرحم الآخرين اكتر ، ويمكن بس اكتر حاجه بنندم عليها لحظات تعقلنا الزياده وخوفنا من المغامره و خوفنا من الوقوع في الخطأ اللي خلونا نمشي جنب الحيط فترات كتير من حياتنا مش هنعرف نعوضها تاني  .
وختاماً بتمنى لكل الاجيال الاصغر سناً يكونوا اسعد حظاً مننا في الاستمتاع بحياتهم بكل مراحلها العمريه بكل حريه من غير ولا لحظة الم و لا لحظة ندم زي اجيالنا اللي تعبت اوي عشان تفهم وتتعلم ازاي تحاول تبسط نفسها على كبر ، اجيال اتربت في مجتمع لما الناس بتضحك فيه بتقول خير اللهم اجعله خير . 

الجمعة، 5 مايو 2017

علاقات صعبة

عن هؤلاء الذين تسللوا الى حياتنا واحتلوا تلك المساحات من احلامنا حاملين معهم الرايات البيضاء، عن هؤلاء الذين عقدوا معنا معاهدات عن الحياة في السلام الأبدي ووعود بجنان من السعادة و الآمال، لنستيقظ يوماً ما واجسادنا مثخنة بجراح معارك محاولات الاستمرار في الاستقرار، وقلوبنا دامية من خيبة الامل، نستيقظ وبين ايدينا كل هذا الندم والحسرة على كل هذه الايام و اللحظات الثمينة المفقودة من حياتنا بلا طائل التي ضاعت هباءاً تلو الهباء لنصل الى نهاية حتمية من اليأس كنا عبثاً نتلافاها او نتغافل عنها عن قصد وعمد او ربما بلا، ثم تحين تلك اللحظة القاسية التي يتحتم فيها التخلي عن كل ما جهدنا من اجله في الماضي والاستسلام بعد الانكار للبحث عن غد بلا ألم، اللحظة التي ندرك فيها ان تلك العلاقات الصعبة التي استنفذت طاقاتنا و ارواحنا ومشاعرنا ودموعنا ورجائنا وعقولنا اخذتنا الى حيث لم نعد نستطيع التعرف حتى على أنفسنا، الى حيث اصبحنا اشباح هائمة بلا طريق ملامحها من الاحباط والغضب. نجتر الذكريات وكانها شريط سينمائي لنعود للحظة البداية وهذا المشهد الذي كنا نملك الحدس الكافي لندرك اننا لابد ان نصل اليه يوماً ما قبل ان نخدع انفسنا لنستمر، نتلمس الاسباب والاعذار للاستمرار .
و كأن الغاية هي الاستمرار، على الرغم من فقدنا لكل مبررات الاستمرار، لنتحول بدلاً من الاستمتاع بالعلاقة الى حراس الحفاظ على استمرار العلاقة .
نتحمل من اجل العلاقة ..
نصبر من اجل الايام الخوالي للعلاقة ..
نسامح من اجل الذكريات الجميله البعيدة في العلاقة ..
نضحي بطموحاتنا و امنياتنا البسيطة المؤجلة من اجل الامل في الابقاء على العلاقة ..
نقنع انفسنا باننا ربما نحتاج لنتغير لنصبح بحجم العلاقة ..
او ربما على الظروف ان تتغير لتسمح للعلاقة المتقزمة بالنمو ..
او ربما على الطرف الاخر ان يتغير ليتناسب مع طبيعة العلاقة ..
او ربما نحتاج الي تصحيحح مفاهيمنا عن الحب؟
او ربما نحتاج الى ان نفهم الحياة بشكل اكبر؟
او ربما لم نحصل على المساعدة الكافية من الاخرين؟
او ربما نحتاج لفهم انفسنا بشكل اعمق؟
او ربما نحتاج لفهم الطرف بشكل مختلف؟
او ربما لم نبذل الجهد الكافي لانجاح العلاقة؟
او ربما ...... وربما...... والمئات من ربما التي نبتلي بها عقولنا ونحن نحاول البحث عن الاسباب الحقيقية والوصول للمشكلة الاصلية في تعثر هذه العلاقات وفي محاولات تذليل الصعوبات و العقبات لتمضي في سبيل نتمناه .
كل هذه المجهودات والمحاولات التي تجعل العلاقة محور حياتنا و افكارنا وغاية اهدافنا حتى اننا نفقد ونحن نقوم بذلك كل المقومات التي من اجلها دخلنا في علاقة من الاساس !.
نفقد الشغف و اللهفة و التفاهم و التناغم و الانسجام و السعادة ..
نفقد بوصلتنا في التواصل مع نفسنا و تتشوه صورتنا الذاتية وتفقد ملامحها، وتتراكم داخلنا مرة بعد مره ومحاولة بعد الاخرى كل هذه المشاعر السيئة تجاه انفسنا من العجز والاحباط التي قد تصل للاحساس بعدم الاستحاق للاستمتاع بالحب .
ثم نستيقظ بعد كل ذلك ذات يوم فجأة وفي قلوبنا هذا الثقب الاسود السحيق وهذا الفراغ المٌوحش وهذه الاسئلة تلهب عقولنا الثائرة .
اللعنه من وضع قواعد هذه اللعبة الحمقاء؟
لماذا نتحمل ونتكبد كل هذا العناء والشقاء؟
من اجل من ولماذا؟ فلا نحن نشعر بالسعادة ولا نملك القدرة على منحهم السعادة،  فلماذا نلتزم بثقافة الاستمرار؟
لماذا نمني قلوبنا ببوارق الأمل الخافتة البعيدة ؟ و نغفل الحقائق المؤكدة؟
 لماذا نتلمس الاعذار و نحمل انفسنا على تمرير اكاذيبهم على عقولنا وقلوبنا؟ لماذا نخون مشاعرنا وحدسنا من اجلهم؟
لماذا لم يخبرنا احد ان العلاقات الصعبة لا تستحق حتى المحاولة؟
لا تستحق كل هذه الايام و السنوات التي لن نستطيع ان نستعيدها من عمرنا، وانها ستحول حياتنا الى مشاهد مختلفة من الجحيم بدرجاته المتفاوته، وان التضحية بهذا النوع من العلاقات المجهدة المضنية واطلاق رصاصة الرحمة عليها انقاذ لارواحنا ونفوسنا من الإنسحاق، و انه كلما كان اتخاذنا للقرار بالخلاص منها اسرع كلما كان حجم الخسائر في مشاعرنا اقل وتماثلت قلوبنا للشفاء اسرع وعادت البهجة لحياتنا، فالأصل في العلاقات الطبيعية ان تكون سلسة وأن تمنحنا كل ما نحتاجه ونريده من السعادة و الطمأنينة والثقة والحرية بتلقائية ودون بذل اي مجهود من الطرفين، دون مزايدات عاطفية او درامية، دون ترقب وانتظار لادوار العطاء،  وطبيعة الحياة تحمل في طيات مجراياتها ما يكفي من الصعوبات التي نحتاج ما يعيننا عليها لا ان نعقدها ونزيدها قسوة علينا بمثل هذا النوع من العلاقات الصعبة الحتمية النهاية ، وبناء عليه يصبح تحرير حياتنا وتخليصها من مثل هذه العلاقات الصعبة واجب انساني حتمي تجاه انفسنا لانقاذها .